سورة الحجرات - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحجرات)


        


قوله تعالى: {قالت الأعراب آمنا} الآية نزلت في نفر من بني أسد بن خزيمة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة مجدبة فأظهروا الإسلام، ولم يكونوا مؤمنين في السر، فأفسدوا طرق المدينة بالقذرات وأغلوا أسعارها وكانوا يغدون ويروحون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقولون: أتتك العرب أنفسهم على ظهور رواحلها وجئناك بالأثقال والعيال والذراري ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان، يمنون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ويريدون الصدقة، ويقولون: أعطنا فأنزل الله فيهم هذه الآية.
وقيل: نزلت في الأعراب الذين ذكرهم الله في سورة الفتح وهم جهينة ومزينة وأسلم وأشجع وغفار كانوا يقولون آمنا ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم فلما استنفروا للحديبية تخلفوا عنها فأنزل الله عز وجل قالت الأعراب آمنا أي صدقنا {قل لم تؤمنوا} أي لم تصدقوا بقلوبكم {ولكن قولوا أسلمنا} أي استسلمنا وانقدنا مخافة القتل والسبي {ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} أخبر أن حقيقة الإيمان هو التصديق بالقلب وأن الإقرار باللسان وإظهار شرائعه بالأبدان لا يكون إيماناً دون التصديق بالقلب والإخلاص.
(ق) عن سعد بن أبي وقاص قال: «أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطاً وأنا جالس فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً منهم هو أعجبهم إليّ فقلت ما لك عن فلان والله إني لأراه مؤمناً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مسلماً ذكر ذلك سعد ثلاثاً وأجابه بمثل ذلك ثم قال إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكب في النار على وجهه» زاد في رواية قال الزهري: «فترى أن الإسلام الكلمة والإيمان العمل الصالح» لفظ الحميدي اعلم أن الإسلام هو الدخول في السلم وهو الانقياد والطاعة فمن الإسلام ما هو طاعة على الحقيقة باللسان والأبدان والجنان لقوله لإبراهيم عليه السلام: {أسلم قال أسلمت لرب العالمين} ومنه ما هو انقياد باللسان والقلب وذلك قوله: {ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} وقيل: الإيمان هو التصديق بالقلب مع الثقة وطمأنينة النفس عليه والإسلام هو الدخول في السلم والخروج من أن يكون حرباً للمسلمين مع إظهار الشهادتين.
فإن قلت: المؤمن والمسلم واحد عند أهل السنة فكيف يفهم ذلك مع هذا القول.
قلت بين العام والخاص فرق فالإيمان لا يحصل إلا بالقلب والانقياد قد يحصل بالقلب وقد يحصل باللسان فالإسلام أعم والإيمان أخص لكن العام في صورة الخاص متحد مع الخاص ولا يكون أمراً غيره فالعام والخاص مختلفان في العموم والخصوص متحدان في الوجود فذلك المؤمن والمسلم.
وقوله تعالى: {وإن تطيعوا الله ورسوله} أي ظاهراً وباطناً سراً وعلانية وقال ابن عباس تخلصوا له الإيمان {لا يلتكم} أي لا ينقصكم {من أعمالكم شيئاً} أي من ثواب أعمالكم {إن الله غفور رحيم} ثم بين حقيقة الإيمان:


{إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا} أي لم يشكوا في دينهم {وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون} أي في إيمانهم ولما نزلت هاتان الآيتان أتت الأعراب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلفون بالله إنهم مؤمنون صادقون وعرف الله منهم غير ذلك فأنزل الله عز وجل: {قل أتعلمون الله بدينكم} أي تخبرون الله بدينكم الذي أنتم عليه {والله يعلم ما في السموات وما في الأرض} أي لا تخفى عليه خافية {والله بكل شيء عليم} أي لا يحتاج إلى إخباركم {يمنون عليك أن أسلموا} هو قولهم أسلمنا ولم نحاربك يمنون بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبين بذلك أن إسلامهم لم يكن خالصاً {قل لا تمنوا على إسلامكم} أي لا تعتدوا عليّ بإسلامكم {بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان} أي لله المنة عليكم أن أرشدكم وأمدكم بتوفيقه حيث هداكم للإيمان على ما زعمتم وادعيتم وهو قوله تعالى: {إن كنتم صادقين} أي إنكم مؤمنون {إن الله يعلم غيب السموات والأرض} أي إنه سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء في السموات والأرض فكيف يخفى عليه حالكم بل يعلم سركم وعلانيتكم {والله بصير بما تعملون} أي بجوارحكم الظاهرة والباطنة والله سبحانه وتعالى أعلم.

1 | 2 | 3 | 4